تستكشف المانغا جوانب أكثر قتامة من رواية القصص، مما يؤدي غالبًا إلى تعديل مشاهد معينة في الأنمي. حقوق الصورة: استوديوهات مختلفة
المانغا، كوسيط فني، غالبًا ما تتجاوز حدود رواية القصص التقليدية، وتستكشف موضوعات مظلمة وعنيفة ومعقدة قد لا تجد دائمًا طريقها إلى تعديلات الأنمي. بينما يسعى الأنمي إلى جذب جمهور أوسع، غالبًا ما يتم تخفيف أو حذف بعض العناصر الأكثر حدة في المانغا لتلبية معايير البث والرقابة، أو ببساطة لجعل العمل أكثر ملاءمة لجمهور أوسع. هذا لا يعني أن الأنمي يتجنب الموضوعات المظلمة تمامًا، ولكنه غالبًا ما يتعامل معها بطريقة مختلفة، وأكثر اعتدالًا من نظيره في المانغا.
لماذا يتم حجب المشاهد المظلمة في الأنمي؟
هناك عدة أسباب وراء قيام استوديوهات الأنمي بحجب أو حذف مشاهد معينة من المانغا الأصلية. أحد الأسباب الرئيسية هو الرقابة ومعايير البث. تخضع العديد من الدول لأنظمة رقابة صارمة فيما يتعلق بالمحتوى المعروض على التلفزيون، خاصةً عندما يتعلق الأمر بالعنف الصريح، أو الدماء، أو المحتوى الجنسي، أو المواضيع التي تعتبر حساسة ثقافيًا أو دينيًا. تسعى استوديوهات الأنمي إلى الوصول إلى أكبر جمهور ممكن، وغالبًا ما يعني ذلك الامتثال لهذه المعايير الرقابية لتجنب القيود أو الحظر.
سبب آخر هو الجمهور المستهدف. غالبًا ما تستهدف المانغا جمهورًا بالغًا أو ناضجًا، بينما يسعى الأنمي في كثير من الأحيان إلى جذب جمهور أوسع يشمل المراهقين والأطفال الأكبر سنًا. لجعل الأنمي أكثر جاذبية لهذه الفئات العمرية الأصغر، قد يتم تخفيف المشاهد المظلمة أو العنيفة أو حذفها تمامًا. هذا لا يعني التقليل من ذكاء الجمهور الأصغر سنًا، ولكنه يعكس ببساطة رغبة الاستوديوهات في ضمان أن يكون الأنمي مناسبًا لمجموعة واسعة من المشاهدين.
بالإضافة إلى ذلك، هناك اعتبارات تتعلق بالإيقاع والسرد. في بعض الأحيان، قد يتم حذف مشهد مظلم أو عنيف في الأنمي لأنه يعطل الإيقاع العام للقصة، أو لا يخدم الغرض السردي بشكل فعال في سياق الأنمي. قد يكون المشهد فعالًا في المانغا، حيث يكون للقارئ وتيرة قراءة مختلفة، ولكن قد لا يترجم بشكل جيد إلى الوسيط المرئي المتحرك. قد يختار المخرجون حذف المشاهد التي تبطئ القصة أو تصبح مشتتة للانتباه، حتى لو كانت مهمة في المانغا الأصلية.
أخيرًا، هناك أيضًا اعتبارات فنية وإبداعية. قد يختار فريق الإنتاج إجراء تغييرات على المانغا الأصلية لاعتقادهم بأنها ستؤدي إلى أنمي أفضل بشكل عام. قد يشعرون أن بعض المشاهد المظلمة أو العنيفة ليست ضرورية لسرد القصة في الأنمي، أو أنها يمكن أن تُستبدل بمشاهد أكثر فعالية أو ملاءمة للوسيط المتحرك. هذا لا يعني بالضرورة أنهم يقللون من قيمة المانغا، ولكنهم يتخذون قرارات إبداعية بناءً على رؤيتهم الخاصة للأنمي.
أمثلة على مشاهد مانغا مظلمة تم حجبها في الأنمي
على مر السنين، كانت هناك العديد من الأمثلة على مشاهد مانغا مظلمة تم حجبها أو حذفها في تعديلات الأنمي. إليكم بعض الأمثلة البارزة:
1. “أكيرا”: العنف الصريح والانهيار النفسي
مانغا أكيرا تتميز بتصوير عنيف ومفصل، تم تخفيفه في فيلم الأنمي. حقوق الصورة: كودانشا
مانغا “أكيرا” لكاتسوهيرو أوتومو مشهورة بعنفها الصريح وتصويرها الرسومي. تحتوي المانغا على مشاهد دماء غزيرة، وتشويه للجثث، وعنف نفسي مكثف. فيلم الأنمي “أكيرا” الذي أخرجه أوتومو بنفسه، بينما ظل وفيًا للقصة الأصلية بشكل عام، قام بتخفيف بعض المشاهد الأكثر عنفًا. على سبيل المثال، تم تقليل بعض مشاهد تشويه الجثث والتشوهات الجسدية في الأنمي مقارنة بالمانغا. كان هذا على الأرجح بسبب القيود المفروضة على تصوير العنف في الأفلام في ذلك الوقت، ولجعل الفيلم أكثر جاذبية لجمهور أوسع.
ومع ذلك، لا يزال فيلم “أكيرا” يعتبر عنيفًا ومزعجًا للغاية بالنسبة للعديد من المشاهدين، خاصةً خارج اليابان. يوضح هذا المثال كيف يمكن حتى لتعديلات الأنمي التي تحاول الحفاظ على روح المانغا الأصلية أن تضطر إلى إجراء تعديلات بسبب الرقابة والجمهور المستهدف.
2. “بليتش”: بتر الأطراف والوحشية
مشهد بتر ساق هييوري في مانغا بليتش كان أكثر وضوحًا من الأنمي. حقوق الصورة: شوهيشا
مانغا “بليتش” لتيتي كوبو معروفة بمعاركها المكثفة واستخدامها للعنف. في المانغا، غالبًا ما يتم تصوير الإصابات والجروح بشكل رسومي، بما في ذلك بتر الأطراف والدماء. ومع ذلك، في أنمي “بليتش”، تم تخفيف العديد من هذه المشاهد. على سبيل المثال، مشهد بتر ساق هييوري ساروجاكي على يد جين إيشيمارو في مانغا “بليتش” كان أكثر وضوحًا ودموية من تصويره في الأنمي. في الأنمي، تم إخفاء الجزء السفلي من جسد هييوري بذكاء، وتم تقليل كمية الدماء المعروضة.
كان هذا التغيير على الأرجح محاولة لجعل الأنمي أكثر ملاءمة للبث التلفزيوني، ولتجنب إزعاج المشاهدين الأصغر سنًا أو الأكثر حساسية للعنف الرسومي. ومع ذلك، يرى بعض معجبي المانغا أن تخفيف هذه المشاهد قلل من تأثيرها العاطفي وقوتها، وجعل الأنمي أقل وفاءً لروح المانغا الأصلية.
3. “ون بيس”: فقدان الأطراف والواقعية القاسية
مشهد فقدان زيف لساقه في مانغا ون بيس كان أكثر وضوحًا ودرامية في المانغا. حقوق الصورة: شوهيشا
مانغا “ون بيس” لإييتشيرو أودا، على الرغم من أسلوبها الفني الكرتوني في الغالب، لا تخجل من استكشاف موضوعات مظلمة وعنيفة. في الماضي، كانت مانغا “ون بيس” تعرض مشاهد أكثر وضوحًا من فقدان الأطراف والدماء. المثال الأبرز هو قصة زيف، حيث أكل ساقه العالقة لينجو من الجوع. في مانغا “ون بيس”، تم تصوير هذا المشهد بشكل أكثر وضوحًا، مع تلميحات مرئية إلى فقدان زيف لساقه. ومع ذلك، في أنمي “ون بيس”، تم تغيير هذه القصة بشكل ملحوظ. بدلاً من أن يأكل زيف ساقه، أكل طعام الطوارئ ليُبقي سانجي على قيد الحياة، وقام بقطع ساقه بسلسلة ومرساة. هذا التغيير جعل القصة أقل قتامة وأكثر ملاءمة لجمهور أصغر سنًا، مع الحفاظ على جوهر التضحية بالنفس.
يوضح هذا المثال كيف يمكن تغيير مشاهد مؤلمة في المانغا في الأنمي لتخفيف حدتها، مع الحفاظ على الرسالة العاطفية الأساسية للقصة. يرى بعض المعجبين أن هذا التغيير كان ضروريًا لجعل “ون بيس” أنميًا مناسبًا لجميع الأعمار، بينما يفضل آخرون التصوير الأكثر صراحة في المانغا.
4. “فوكا”: الموت المفاجئ والصدمة العاطفية
موت فوكا المفاجئ في المانغا تم تخفيفه في الأنمي، حيث نجت من الحادث. حقوق الصورة: كودانشا
مانغا “فوكا” لكوجي سيئو معروفة بتحولاتها الدرامية غير المتوقعة. في المانغا، تموت فوكا أكيتسوكي، الشخصية الرئيسية النسائية، بشكل مأساوي في حادث مروري في بداية القصة. كان موت فوكا صدمة كبيرة للقراء، وكان له تأثير عميق على القصة بأكملها. ومع ذلك، في أنمي “فوكا”، تم تغيير هذا الحدث المحوري بشكل كبير. في الأنمي، تنجو فوكا من حادث المرور بأعجوبة، ولا تموت. هذا التغيير أزال أحد أكثر العناصر قتامة وإثارة للصدمة في المانغا، وغير بشكل أساسي مسار القصة في الأنمي.
كان السبب وراء هذا التغيير على الأرجح هو الرغبة في جعل الأنمي أكثر تفاؤلاً وأقل حزنًا. يعتبر موت شخصية رئيسية مثل فوكا في بداية القصة أمرًا نادرًا في الأنمي الرومانسي، وقد اعتقد فريق الإنتاج أن هذا التغيير سيجعل الأنمي أكثر جاذبية لجمهور أوسع. ومع ذلك، أدى هذا التغيير إلى استياء العديد من معجبي المانغا، الذين شعروا أن الأنمي فقد أحد أهم جوانب القصة الأصلية، وقلل من عمقها العاطفي وتعقيدها.
5. “أكاديمية بطلي”: العنف الرسومي والقتل الصريح
مشهد قتل ري ديسترو لمياشيتا في مانغا أكاديمية بطلي تم تخفيفه في الأنمي. حقوق الصورة: شوهيشا
مانغا “أكاديمية بطلي” لكوهي هوريكوشي، على الرغم من كونها في الأساس مانغا شونين تستهدف جمهورًا شابًا، لا تخجل من استكشاف موضوعات مظلمة وعنيفة. في المانغا، هناك العديد من المشاهد التي تصور العنف الرسومي والقتل الصريح. على سبيل المثال، في آرك “جيش التحرير الخارق للطبيعة”، يقتل ري ديسترو أحد مرؤوسيه، مياشيتا،